عندما تمرُ عدسة الكاميرا وتتحرك معلنةً الزووم أمامَ وجهٍ ذو تفاصيلَ حقيقة، لا تشوبها أثارُ التجميل والعبث بالملامح، نستطيعُ أنْ نقرأ الحزنَ بتجاعيدِ الجبهة، والسعادةَ بخطوطٍ ترسمُ الابتسامة، والألم بنظراتٍ لا يقللُ من وقرها “اكستنشن” لا ضرورو له.
في الواقع أنْ تشاهدَ مشهداً حقيقي هو أمرٌ مكلفٌ للفنان، لأنّه يضعه في مأزقِ الشيخوخة، وظهور علامات التقدم في السن، وهذا رهانٌ يخسره كُثر، ولكنَّ فواخرجي دائماً ما تكسبه.
فملامحها التي تتقدمُ مع تقدم مستوياتها الفنية، سنةً بعد سنة، تساعدها بأنْ تعطي لكلّ مشهد تصنعه، أفضل شكلٍ ممكن، وأنْ تبدو مشابهةً لنا كأشخاصٍ عاديين، فنألفها، ونرى في إطلالتها وجهاً سَمحاً بشوش، قلّ أمثالهُ على شاشاتنا في هذه الأيام.
كيفَ لا، وهي الدكتورة “رغد”، التي أبدعت برسم المشهد بصمت، ضمن مسلسلها الرمضاني الجديد “مال القبان”، فإذا خطونا مع خطواتها المتثاقلة في شوارع العاصمة دمشق بعد خروجها من السجن، ورأينا ضحكتها “الهستيرية”، بعد مشهد دخولها لشراء أدوية “القمل والجرب”، نلاحظ تبنيها للشخصية بشكلٍ كامل، بُكاؤها على صورة ابنتها، حوارها المليء بجرعة من العمق مع صديقة عمرها، التي سرقت منها زوجها وطفلتها، يؤكد لنا أنّ فواخرجي ترى في رغد شخصيةً استثنائية في مسيرتها، لذا تهتمُ بالتفاصيل، تدرسها بعمقٍ، تقدمها بإجادةٍ، وتتفاعل معها لتوصلَ الشعور الصحيح بالشكلِ الأمثل.
أخبرونا مارأيكم بما تقدمه سلاف فواخرجي خلال “مال القبان”