ما هو المطلوب من بابا الفاتيكان الجديد: بين الرسالة الإنسانية والدور الكنسي
الكاردينال الأمريكي روبرت فرنسيس بريفوست يصبح بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية، متخذاً اسم البابا ليون الرابع عشر.
مع انتخاب بابا جديد للفاتيكان، تتجه أنظار العالم نحو شخصية تُعدّ رمزية عالمية، ليس فقط للمؤمنين الكاثوليك، بل لكل البشرية. فالبابا، بصفته رأس الكنيسة الكاثوليكية وخليفة القديس بطرس، يحمل على عاتقه مسؤوليات متعددة الأبعاد، تمتد من نشر السلام والمحبة، إلى قيادة مؤسسة تمتد عبر القارات وتؤثر في حياة المليارات من الناس.
أولاً: على الصعيد الإنساني والسياسي، فهو بابا للجميع
البابا الجديد هو قبل كل شيء رسول سلام. في عالم تمزقه الصراعات والحروب، يتوقع الناس من البابا أن يكون صوتًا للضمير الإنساني، داعيًا إلى التسامح، والحوار بين الأديان، ونبذ العنف. عليه أن يظل محايدًا في السياسات الضيقة، لكنه نشط في القضايا الكبرى مثل:
• الدفاع عن حقوق الإنسان، خاصة الفقراء والمهاجرين والمظلومين.
• تشجيع الحوار بين الأديان والثقافات، خصوصًا مع الإسلام واليهودية، لإزالة التوترات وبناء جسور التفاهم.
• مواجهة قضايا العصر مثل تغير المناخ، عدم المساواة، والذكاء الاصطناعي، من منطلق أخلاقي وإنساني.
البابا الجديد مطالب بأن يكون بابا لكل الناس، مؤمنين وغير مؤمنين، شرقًا وغربًا، دون تمييز أو انغلاق.
ثانيًا: على الصعيد الكنسي، فهو راعٍ ومسؤول عن العقيدة
كخليفة للقديس بطرس، يتوقع من البابا أن يكون حامي العقيدة الكاثوليكية ومرشدًا روحيًا لأكثر من مليار كاثوليكي حول العالم. وتتمثل مهامه الكنسية في:
• الحفاظ على وحدة الكنيسة وسط تنوع الثقافات والطوائف.
• تجديد الخطاب الديني بما يتناسب مع تحديات العصر دون التفريط بالثوابت.
• تعزيز الحياة الروحية والليتورجية، ودعم دور الكهنة والرهبان في المجتمعات.
البابا الجديد بحاجة لأن يكون صوتًا واضحًا يجمع بين الأمانة للتقليد والانفتاح على التجديد.
ثالثًا: على الصعيد الإداري والتنظيمي، فهو قائد مؤسسة عالمية
رئاسة الفاتيكان تتطلب مهارات قيادية عالية. فالفاتيكان ليس فقط مركزًا روحيًا، بل أيضًا جهاز إداري معقّد. ومن المطلوب من البابا الجديد:
• مكافحة الفساد والشفافية المالية داخل المؤسسات الفاتيكانية.
• إصلاح الجهاز الإداري (الكوريا الرومانية) ليصبح أكثر فاعلية وخدمة للرسالة.
• التعامل الحازم مع قضايا الانتهاكات الكنسية، بتطبيق العدالة والشفافية.
فب الختام، فإن البابا الجديد ليس مجرد زعيم ديني، بل صوت ضمير عالمي، يجمع بين الروحانية والقيادة، بين الحب والمبدأ. المطلوب منه أن يكون حاضرًا في هموم الناس، صادقًا في الدفاع عن كرامة الإنسان، وأمينًا على كنيسة تواجه تحديات غير مسبوقة.
إنه زمن صعب، لكن البابا الجديد مدعو ليكون نورًا في زمن الظلمة، وأملًا في زمن الشك.
فهل سيكون البابا ليون الرابع عشر على قدر هذه الرسالة؟ الأمل كبير، والتحدي أكبر.
د.حبيب باشا