عتيقةٌ هي في ذاكرة السوريين، أرشيفها الفني تاريخٌ حافلٌ بالإنجازات، ومحطاتُ إبداعها مِنّهاجٌ يُدرس، كيف لا وهي “السنديانة الدمشقية” في أعين جماهيرها.
“منى واصف” هذا الاسم الفني الكبير، الذي يشبه بعراقته عراقة أصله، عادت لتحيي نبضها الذي ألفناه منذ زمن طويل، في شرايين الدراما السورية البحتة، لتقدم لنا عملاً جديداً، وتفرد خلاصة أدواتها التي جنتها من مسيرة مهنية طويلة، في شخصيةٍ دخلت قلوبنا حقاً.
إنها أمّ الدراما، ولا نقول ذلك عبثاً، بل نعي حقيقة القول، وأحقية الوصف، فواصف تشبه أمهاتنا وجداتنا جميعاً، ولطالما جسدت هذه الأدوار بأمومتها الحقيقة، وأعطتها من الشغف في داخلها، ما أخرجها شخصيات متتابعة تعلق في الذاكرة زمناً طويلاً.
وها هي في هذا الموسم الرمضاني، تطلّ بشخصية “أم رجا” ضمن المسلسل الاجتماعي “أغمض عينيك”، تقدم لنا شكلاً جديداً من الأمومة، قصةً مؤلمةً عن تضحيات الأمهات والجدات، لأجل أبنائهم، فنتتبع معها مسار الحكاية المفعمة بالإنسانية الخالصة، نشاهد بهدوء، بإشتياق، وبحرص على ألا يفوتنا المشهد، الذي تلعبه واصف بثبات واتزان، بعيداً عن كل شوائب الصنعة.
ولعلّ أحد أجمل لوحات هذا العمل، وليست الوحيدة بالتأكيد، هي مواجهة واصف لزوجها أبو رجا “فايز قزق” بعد سجن ابنتها حياة “أمل عرفة”، وخروجها عن صمتها الذي طال، والذي قدمته من خلالّ لوحة استعراضية متكاملة الأركان، وتلقاه قزق بذات المستوى الفني، ليكون أحد المشاهد الّتي تستحق الوقوف عندها والحديث عنها.
أخبرونا كم اشتقتم لمنى واصف في الدراما السورية؟!